نوال مصطفى تفوز بجائزة الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة العالمية لتمكين المرأة ضمن فئة المبادرات الفردية المتميزة

بقلم: ريم عقل

كيف بدأت رحلتك مع قضية الفقر والسجون، وهل هناك لحظة شكلت منعطفًا في حياتك؟

كانت هناك لحظة فارقة غيرت مجرى حياتي تمامًا، حين كنت صحفية شابة وقمت بزيارة أحد السجون لتغطية تقرير صحفي. كنت متحمسة للعمل على قصة جديدة، ولكن ما إن دخلت السجن حتى واجهت مشهدًا صادمًا كشف لي حجم المعاناة التي يعيشها الأطفال في مراكز احتجاز الأحداث. كانت تلك اللحظة نقطة تحول في حياتي؛ شعرت خلالها بارتباط عميق مع هؤلاء الأطفال، وأدركت حينها أن علىّ أن أعمل لأساعدهم.

هل يمكنك أن تخبرينا أكثر عن مشروع "حياة جديدة" الذي أطلقته، وكيف ساهم في إعادة إدماج السجينات في المجتمع؟

"حياة جديدة" هو مشروع كبير أطلقته لمساندة السجينات وأطفالهن، الذين كانوا يعانون من وصمة اجتماعية. كان الهدف من المشروع تأهيل هؤلاء النساء وتدريبهن لتمكينهن من كسب دخل يعينهن على إعالة أنفسهن وعائلاتهن، وتعلُّم حِرف أو مهارات عملية يبرعن فيها.

وقد حقق المشروع بالفعل نتائج ملموسة، حيث استطعنا دعم أكثر من 500 امرأة للخروج من السجن ومواجهة المجتمع بثقة وكرامة. وقدمنا لهن تدريبات في مجالات مختلفة، منها الفنون والحرف اليدوية، وساعدناهن في الوصول إلى فرص عمل مناسبة.

كما أولينا اهتمامًا خاصًا بأطفالهن، من خلال برامج رياضية وفنية تهدف إلى مساعدتهم على تجاوز الآثار النفسية والاجتماعية لوجود أحد الوالدين في السجن.

كيف أثّر هذا المشروع في حياة هؤلاء النساء وأطفالهن؟

كان للمشروع أثر بالغ في تغيير حياة مئات النساء وأطفالهن. فمن خلال برامج التدريب والتأهيل المهني، استطعنا تمكين أكثر من 500 امرأة من مغادرة السجن واكتساب المهارات اللازمة لبناء حياة مستقلة ودعم أسرهن. وقد كانت الوصمة الاجتماعية التي تلاحق النساء اللواتي خضن تجربة السجن واحدة من أبرز التحديات، لكن ما حصلن عليه من تأهيل مهني وخبرات ساعدهن على تخطي هذه العقبة والانخراط مجددًا في المجتمع من خلال فرص عمل ملموسة.

واهتممنا كذلك بأطفال هؤلاء النساء، عبر مجموعة من البرامج التي هدفت إلى تنمية مواهبهم وصقل اهتماماتهم في مجالات متنوعة كالفنون والرياضة وغيرها. واليوم، أصبح بعضهم أبطالًا رياضيين بالفعل، وتحوّلت حياتهم كليًا نحو الأفضل. لم يعودوا عالقين في دوّامة الفقر ومنظومة السجون، بل باتوا ينعمون بحياة كريمة ومستقبل واعد.

هل يمكنك مناقشة قضية الغارمات والمحتجزات بسبب الفقر؟

تعد قضية السجينات بسبب الفقر من أكثر القضايا إلحاحًا التي تبلورت أمامي من خلال عملي الميداني مع النساء والأطفال داخل السجون. فهؤلاء النساء لم يحتجزن بسبب أي نشاط إجرامي، بل فقط لأنهنّ فقيرات وعاجزات عن دفع تكاليف سلع وخدمات أساسية. فقد يعجزن عن تسديد تكاليف مثل زفاف لابنتهن، أو عملية جراحية طارئة، أو حتى ضروريات يومية كالغذاء والملبس. ومن خلال عملي، رأيت كيف تؤثر هذه القضية ليس فقط على النساء المحتجزات، بل أيضًا على أسرهن وأطفالهن الذين غالبًا ما يتركون دون أي مصدر دعم.

ما هو هدفك المستقبلي بعد حصولك على جائزة الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة العالمية لتمكين المرأة؟
إن الحصول على جائزة الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة العالمية لتمكين المرأة يعد شرفًا كبيرًا وتقديرًا لعملي. فهي امرأة تؤمن بجهود النساء وبقدرتهن على تغيير المجتمعات. وقد شكل الفوز بهذه الجائزة حافزًا كبيرًا وموردًا مهمًا بالنسبة لي لمواصلة عملي في دعم وتمكين النساء، خصوصًا المتأثرات بالفقر وتجربة السجن. كما منحتني الجائزة شعورًا بالتقدير تجاه ما أقوم به، وعززت إيماني بأنه يمكن لجهودي أن تحدث فرقًا حقيقيًا في حياة هؤلاء النساء. وقد ساهمت أيضًا في تسليط الضوء على مشروعي "حياة جديدة" وعلى قضية دعم وتمكين النساء، وهو ما آمل أن يؤدي إلى مزيد من الدعم والموارد لعملي.